للروائي السوري خالد خليفة, الذي استحضر مدينة حلب في خمسة فصول “حقول الخس”,”عنق ملوكي وحذاء أحمر”,”جثث متفسخة”,”طرق غامضة”,”الأم الميتة”
تلك المدينة التي عانت من عملية مسخ شمل جميع جوانبها الحضاري,الإقتصادي و الأمني حتى أمست عار ضخم يجثو على صدر الإنسانية.
حلب تلك السورية اليانعة المولعة بالطرب و الطعام المعقد الدسم الذي يشبه تركيبة تاريخها الطويل, أُجبرت على أرتداء العار من قبل الحزب البعثي الذي حكم البلاد و العباد من وجهة نظر الكاتب.
حاول الكاتب إسقاط رمزيات العار على عائلة متشظية, أم ذات طباع أرستقراطية تتبع حبها لرجل ريفي يتزوجها و يشترط عليها الأنتقال معه إلى قريته, ثم يهجرها هي و أبناءها الأربعة مما يضطرها الأمر لأن تعود إلى مدينها “حلب” التي تبرأت من أبنائها !
إسقاط الراوي على شخصيات هذة العائلة كان مجحف جداً بحق المدينة و بحق شعب كامل, نزار خال شاذ جنسياً ,سوسن الأبنة المنفلتة و المتهتكة في علاقات غير مبررة, رشيد الذي يشتهي أخته سوسن! سعاد المعاقة و التي كرهتها أمها و خبئتها طوال عمرها , راوي القصة و هو أصغرهم متماهي مع قدره حتى اصبح كالهامش تماماً.
كل شخصية تنفع لأن تكون رواية بحد ذاتها زاخرة بتفاصيل و نقلات, إلا هناك بعض النقلات غير منطقية وغير المبررة تشتت القارئ .
لغة الكاتب لغة جريئة و صادمة جداً ربما تعمد الكاتب ذالك ليُظهر مدى إنفتاحه و واقعيته , في محاولة غير موفقة من وجهة نظري ليحيل كل الصراعات النفسية و الجنسية التي عاشتها الشخصيات على النظام الحاكم و الذي صوره بلعنة( العار) التي تصيب كل من ينزح تحته!
الشخصية الوحيدة التي كانت قريبة ربما من “حلب” هي الأم
المرأة الكلاسيكية التي تهوى الموسيقى و ربطات العنق الأنيقة و رائحة الياسمين ,امرأة ارستقراطية في تفكيرها ,منخورة الروح بسوسة رجل هجرها إلى بلاد تفوح منها الحرية .
كما أن ن اللغة الأدبية جيدة, نجمة لامعة لبعض التشبيهات و الصور الرائعة في بعض الفصول, لكنه استخدم القوالب الجاهزة كثيراً.
“إنطباعي بعد قراءة الرواية”
أنها الرواية الأولى التي تشعرني بهذا الكم الهائل من الإحباط و القرف.